كلمة المحرر

الاقتصاد الإسلامي هو الحلّ للأزمة الاقتصادية التي حلّت بالمجتمع البشري اليوم

 

  

                                                                                                                                                                                                                              

العالمُ كلُّه يتابع بقلق بالغ وذعر زائد تداعياتِ الأزمة الماليَّة الهائلة التي تركت انعكاسات سلبيَّةً بالغةَ الخطورة على سكّان الأرض كلّها بشكل أو بآخر.

       والكُتّابُ والخبراءُ الاقتصاديّون يُحَلِّلون الأسبابَ التي دفعت إلى هذا الانهيار المُدَمِّر للامبراطوريَّة الرأسماليَّة، الذي أصاب شعوبَ العالم وحكوماته بالهلع . والأزمةُ انفجرت بصفة خاصَّة يوم الاثنين 15/ سبتمبر 2008م (14/ رمضان 1429هـ). ويكاد الخبراءُ يجمعون على أنّ الأزمة لم تنفجر من فراغ، وإنّما تفاعلت مع الوضع الاقتصاديّ الأمريكي الإجماليّ الذي عاد يعاني مشكلات خطيرة للغاية، على رأسها أنّ إجماليَّ الدَّيْن الحكومي – الداخلي والخارجيّ – في الولايات المتحدة قد بلغ الآن أكثر من 11 تريليون دولار، وأنّ العجز في الموازنة الأمريكية بلغ 450 مليارَ دولار، بينما زاد العجز التجاريّ عن 65 مليار دولار، بالإضافة إلى الارتفاع المتّصل لمؤشّرات البطالة والتضحم والفقر (الأستاذ عبد الكريم الحمودي السوريّ – المجتمع ، العدد 1823).

       والخبراءُ الاقتصاديُّون في الغرب ، كثيرٌ منهم يلومون في صدد هذه الكارثة الاقتصاديَّة العالميَّة النِظامَ الربويَّ الذي تَبَاهَىٰ به الغربُ كثيرًا وأوحى به إلى العالم كلّه الذي عَمِلَ به كذريعة وحيدة للرفاهيه والعيش الرغيد والحياة المعيشيَّة السعيدة الخالية من الأزمات .

       ويدعون حكوماتهم إلى الأخذ بالنظام الاقتصادي الإسلاميّ المُنَزَّه من الربا وويلاته غير المعدودة. وقد حَذَّر الله عَزَّ وجَلَّ من الربا وعواقبه الوخيمة في عدد من آيات كتابه الخالد ، فقال:

       "الَّذِيْنَ يَأْكُلُونَ الرِّبَوٰ لاَيَقُومُونَ إِلاَّ كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطـٰـنُ مِنَ المَسِّ ذٰلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَوٰ وأَحَلَّ اللهُ البَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَوٰ فَمَنْ جَاءَه مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّه فَانْتَهَىٰ فَلَه مَا سَلَفَ وَأَمْرُه إِلَى اللهِ وَمَنْ عَادَ فَأُولـٰـئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (البقرة/275).

       وقال : "يَمْحَقُ اللهُ الرِّبَوٰ وَيُرْبِي الصَّدَقـٰـتِ وَاللهُ لاَيُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيْمٍ" (البقرة/276).

       وقال: "يَا أَيُّهَا الَّذِيْنَ آمَنُوا اتَّقُو اللهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَوٰ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِيْنَ" (البقرة/278).

       وقال: "فإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللهِ وَرَسُولِه وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوالِكُمْ لاتَظْلِمُونَ وَلاَ تُظْلَمُونَ" (البقرة/279).

       وقد حَذَّر النبيُّ صلى الله عليه وسلم من العقاب والخراب اللذين يحلاّن بالمجتمع البشريّ إذا عمل بالربا، قائلاً:

       "إذا ظهر الزنى والربا في قرية أذن اللهُ بهلاكها" (أبو يعلى عن عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه ).

       "وما ظهر في قوم الربا إلاّ ظهر فيهم الجنون" (ابن ماجة والبزّار والبيهقيّ).

       فالربا إثمه كبير، وعواقبه في الخراب العامّ والفساد المستشري خطيرة، ولكن الغرب المتكبر المتنكر لنعم الله تعالى تجاهل التحذير الإلهيّ واستهزأ بالأحكام الربّانيّة، وسلك طريق محاربة الله ورسوله، فعمّم النظام الربويّ في العالم كله ؛ ولكنه قد ظهر اليوم أن الفوائد الكثيرة التي فاضت بها النظم الربويّة والبنوك المتعاملة بالربا إنما كانت سرابًا ، فها هي ذي تضيع اليوم ، وتتبخّر هذه النظريّة الاقتصاديّة التي تبجحت بها المجتمعات العالميّة المعادية للإسلام وتعاليمه ، والناس يولولون ، ويُقَلِّبُون أكفهم على ما أنفقوه وكسبوه فأضاعوه .                            [التحرير]

(تحريرًا في الساعة 10 من يوم الأحد : 9/ذوالقعدة 1429هـ = 9/نوفمبر 2008م)

 

 

 

مجلة الداعي الشهرية الصادرة عن دار العلوم ديوبند ، الهند . ذو القعدة – ذوالحجة 1429هـ = نوفمبر–ديسمبر 2008م ، العـدد : 11-12 ، السنـة : 32